يتساءل البعض عن الواقعية كسمة من سمات الشخصية، ويدور النقاش تلوَ النقاش لنقول : أن الواقعية هي حب الشخص لنفسهِ باعتدال، وهي تلك التي تجعل الشخص يعتز بذاتهِ ولا يتمنى أن يكون كغيرهِ؛ فهو مكتفي بحبِ نفسهِ التي خلقها الله لهُ.
الشخص الواقعي يتسم بعدة مميزات، ويعرف بمظاهر كثيرة منها :
نجد الشخص الواقعي لا تخلو مخيلتهِ من واحة الطموحات والأهداف السامية؛ لكنهُ يمنح تلك الأهداف والطموحات محلها من الواقعية، ويعطيها المساحة الكافية للانسجام مع الظروف المحيطة؛ إذ أنهُ لا يطمح للمستحيل، ويدرك أهمية الوسط المحيط في تحقيقِ أهدافهِ، ويتميز الطموح الواقعي بإمكانية الوصول لما دار في مخيلتهِ ولما رسمتهُ مفكرتهِ ؛ لذا أمر الوصول لمبتغاه ليس بالصعب مادام نسجُها واقعياً.
نلحظ أن الشخص الواقعي في تعاملهِ مع الناس يستخدم الأسلوب الواضح، لا يُساوم على حساب قناعاتهِ الداخلية، صادق الأثر، صريح الكلمة، ثابت المبدأ، غالباً ما تأتي كلماتهِ نقشاً لما يجري في الحياة العملية وما يؤمن بهِ الجميع.
نعم وبقوة يتمتع الشخص الواقعي بقلة مجاملاتهِ لمن حولهِ وليس ذلك تكبراً عليهم ؛ إنما يحاورهم ويثني عليهم بما يصدر عنهم، لا يتكلف في الحديثِ مع الآخرين، لا يهمهُ رضا الناس كثيراً ؛ إنما يسعى لإرضاء ضميرهِ ويكتفي بوصف واقع الشخص وسلوكهِ المباشر ولا يهتم للمجهول.
لمن تتوق نفسهِ لأن يكون واقعياً عليهِ أن يتبع الآتي :
هوَ شخص طيب الظن، يمتاز بميزة الأمل ثم الأمل، يمنحُ نفسه الواقعية في تحقيق الهدف المطلوب بدونِ يأس؛ ليحظى من حولهِ بالنفع المترتب على ما حققهُ، كفى وأن تفاؤلهُ لم يكن بالأمر المبالغ فيه إنما هو ذلك التفاؤل الذي سار على بساط الواقع.
هو ذلك الذي يرصد ما حولهِ من الآثارِ والاحتمالات الذي تواجههُ؛ ليخرج لنا بالنتيجة السلبية تبعاً لتوقعاتهِ القلقة، التي لا تحلل الأمور بالشكل السليم، وتصل هذه الأفكار لداخله نتيجة تجارب سابقة غير منطقية ولا تتسق مع الحدث؛ إذ أن هذه الأفكار التي تخرج عنهُ غالباً ما تكون متطرفة لا تقبل النقاش وتقع هي وصاحبها في فخ اللامنطقي وسلبية الاهتمام.
وضحنا سابقاً أن الأحلام لدى الشخص الواقعي يجب أن تبتعد عن الخيال؛ لتحجز وجودها في الوقت المناسب مادامت منسجمة مع الواقع؛ لذا للواقعي كغيرهِ من البشر أحلام عليهِ أن يمسك بها لكي لا تحلق بعيداً عن الأرض والغالب في الأمر أن الشخص الواقعي يرتبط بحلمهِ الاستناد إلى الأرض لا التحليق في الخيال الغامض الذي لا يحقُ لهُ إلا الوصف بتلك الأحلام المهدورة .
هو استفسار علينا الإجابة عليه كسؤال عابر؛ لا يمكن لسؤال كهذا أن يقدحَ في مصداقية الإنسان الواقعي التي يصفها البعض بالقلب الغليظ البعيد عن الرحمة؛ إن الواقعية لا تفقد القلب من ميزاتهِ شيء إنما هي ثوب لامع لشخصية الإنسان إذ انه صاحبها يترك العواطف ويرتضي برأي العقل وهذا ما يدور حول واقعيتهِ، لا تغير الواقعية كلماتهُ الواضحة لأمر سلبي إنما هناك من يرى الكلمة الصادقة سهم.
إن كان الواقعي ينسجم مع واقعهِ لا يعني ذلك وجود الخشية في نفسهِ مما تحملهُ الأيام؛ إنما هو مستعد وبقوة لأن يهيأَ نفسهِ للواقع الجديد ولا يخشى التطور .
يتسم الشخص الواقعي بمميزات منها:
هناك من يقول أن العلاقة التي تربطهم بالشخص الواقعي موقوفة على تصرفات يؤيدها العقل، لا دخل للعواطف بشيء؛ إذاً ماذا عن الأشخاص الذين يعيشون تحت سقفٍ واحد مع ذلك الشخص الواقعي؟ لابد من اتباع الآتي:
ذلك الذي يسكن في حنايا الحب هو الواقعي الفاعل، حينها يمتلئ بالإحساس الغامر بالحُب، والعطف والحنو، ليستريحَ عن نشاطهِ الملحوظ في اتخاذ القرارات وتدبر الأحداث؛ نعم حان الوقت ليأتي بعاطفتهِ التواقة للحب، وآن الأوان ليعطي لعقلهِ الراحة المطلوبة نتيجة الجهد المبذول؛ لأن ذلك يجدد لهُ نشاطُه، ليتعامل مع المجتمع من جديد ويسكب الحب المدفون داخلُه لمن بنظرهِ المستحق.
ختاماً: كان السؤال كيف تكون شخصاً واقعياً؟ وما كانت الإجابة سوى الرؤيا الصائبة من الواقع عن مفهوم الواقعية، مميزاتها، علاقة الواقعية بمناحي عدة كالحب والتفاؤل؛ لذا ليس الأمر بالصعب المستحيل إنما المتتبع لهذه الأفكار سيجد الراحة في تكوين ذاتهِ.
المقالات المتعلقة بكيف تكون واقعياً